كيف أختار تخصصي الجامعي؟
أظنّه كان القرار الأصعب في مرحلة ما من حياتي!
اختيار التخصص الجامعي؛ لقد كانت مرحلة صعبة, لاسيما أن مجموعي العام في الثانوية لم يكن يتيح لي اختيار الفرع المناسب بحرية تامة.
وبعد أن اتخذت قراري, وبدأت دراستي في الكلية, تساءلت في نفسي: ويحي! لماذا اخترت هذا الاختصاص, ماذا فعلت في نفسي؟ لماذا لم أكرر محاولتي في الثانوية, للحصول على مجموع أفضل يؤهلني لدخول الاختصاص الذي أريد..
عزيزي الطالب, لاختيار اختصاصك المناسب يجب عليك التفكر مليّاً وعدم التردد في الاستفسار والسؤال, لذلك سنقدّم لك هنا بعض النصائح التي قد تسهّل عليك الأمر, وتفتح لك أبواباً جديدة نحو الآفاق.
يقول أحدهم: " اللقمة التي تزيد عن حجم الفم, لا تشبعك, بل قد تخنقك, لهذا اختر اللقمة المناسبة "
فكيف لشخص ليس لديه صوت جميل وليس موهوباً بالرسم أو حتى بالتمثيل .. بل لا يمتلك موهبة فنية, أن يتجه إلى كلية الفنون الجميلة؟!
فاختيار مجال له دعم يوفّر عليك الكثير من الجهد ويهوّن التحديات التي ستواجهك؛ وهنا لا نقصد الدعم المادي , إنما نقصد المحيط, وشبكة العلاقات, كأن تعرف شخصاً يعمل في هذا التخصص سيمنحك من خبرتك في هذا التخصص وسيوفّر لك الفرص في قادم الأيام.
لذلك إذا كنت من أسرة فيها أكثر من طبيب لا تتردّد في اختيار كليات الطب, لأنك بالتأكيد ستكون طبيباً ناجحا إذا توفّر عندك عنصر الرغبة.
عند اختيارك التخصص لا تغفل عنصر أهميته في المجتمع والعالم, وكن حريصا على قراءة المستقبل من خلال الأحداث التي تعيشها, فاليوم لا نستطيع أن نتجاهل حرب الفايروسات الدائرة مثلاً, وأهمية المجال التقني, أو العملات الرقمية, وهي تخصصات حديثة في عصرنا وقابلة للتحديث, وهي تخصصات هامة ونادرة جداً.
فاختيارك لتخصصات نادرة ذات أهمية كالتي ذكرناها بالتأكيد ستجعل منك إنسانا متميزاً ناجحاً, إذا اتجهت إلى كليّة الشريعة مثلا, وأنت تعيش في العالم العربي بالتأكيد ستكون نسخة كربون مكرّرة, فمعظم عالمنا العربي مشايخ!
فإذا كنت من أهل الشريعة فعليك أن تعلم أنه من الواجب ملء الثغور.
يكثر منتسبو اختصاص ما في حالتين:
عندما تعمل الحكومات على دعم الاختصاص مثل توظيف طلاب الاختصاص عند التخرج, وذلك لحاجة الدولة لهذا النوع من الاختصاص. وهذا النوع هو الأكثر شيوعا نظراً لتقدير الحكومة للاحتياج فتسعى جاهدة وتضع الخطط لملء الشواغر وسد الاحتياج, كما تفعل حكومات العالم الثالث, فهي لديها نقص حاد في الكوادر داخل المؤسسات التعليمية مثلا, لذلك سعت الحكومات إلى إنشاء معاهد إعداد معلمين ومدرسين, لا يستغرق فيها الطالب وقتاً كالذي يستغرق فيه بالجامعات, كما تلتزم الحكومة بتوظيف خريجي هذه المعاهد, ممّا يعني الحصول على المال في وقت وجهد أقل.
تخصصات تحقّق لك الرّبح الوفير, وتستطيع تحقيقها عبر القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة, هي ذات دخل مفتوح, وتتيح لك مجال الإبداع, غير أنّها تتطلب منك مهارات ورغبة حقيقية, قد تجد هذه الاختصاصات متاحة أمامك في تركيا مثلاً, فهي دولة صديقة للتعليم العالي, فنسبة الطلاب الذين يكملون تعليمهم الجامعي أكثر من 90% حسب دراسات أوربية معتمدة بسبب اتفاقياتها مع الاتحاد الأوربي, واعترافهم بشهاداتها, بالإضافة إلى التسهيلات التي تقدمها الحكومة؛ فقد شجعت التعليم الخاص وأتاحت المجال أمام الجميع لإكمال دراسته بشروط وترخيص ومعتمد.
من هذه التخصصات الهندسات بأنواعها مثلا, وإذا أردت أن تجني المال وتكون مميزّاً والفرصة أمامك متاحة, فعليك اليوم بهندسة ( الميكاترونكس ) فهي كلية تتميز عن شقيقاتها بأنها مزيج بين الهندسة الميكانيكية، والهندسة الكهربائية، وهندسة الحاسوب وهندسة الإلكترونيات, فإذا أردت التميز والنجاح فلا تتردد.
تبقى الفكرة العامة في اختيار التخصص, دراسة القدرات ومقارنتها بالرغبة و المجتمع المحيط بالدرجة الأولى, والفرصة والندرة بالدرجة الثانية, وهذا يعتمد على بحثك وسؤالك _ وهو دليل رغبة _ حتى يكون اختيار التخصص صحيحاً وموفّقاً, مع الأخذ بالاعتبار, دراستك للتخصص الذي اخترته, لا ينبغي أن يحدّد مسار حياتك, فإذا رأيت نفسك في المكان الخطأ أثناء الدراسة, أو عند التخرّج, لا تحكم على نفسك بالعيش بقية حياتك في المكان الخطأ, فكم من طبيب ترك مهنة الطب بعد أن حصل على شهادته, واتجه إلى كرة القدم أو الفن! فأصبح لاعباً أو فنّاناً مشهوراً بعد أن كان طبيباً مغموراً.